الأمير الشاعر أبو الربيع سليمان الموحدي:

 عصره,حياته وشعره.

 

للدكتور عباس الجراري

 

طبعتان – دار الثقافة – الدار البيضاء 1974 – 1984

 

المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

        في صباح يوم السبت سابع مايو 1965 ناقشت الرسالة التي تقدمت بها (1) للحصول على درجة الماجستير من كلية الآداب بجامعة القاهرة. وكان موضوع هذه الرسالة هو ديوان الأمير الشاعر أبي الربيع سليمان الموحدي. وكانت مقسمة إلى جزءين:

 

أحدهما: دراسة عصر أبي الربيع وحياته وشعره (وهو القسم الذي أنشر في هذا الكتاب).

والثاني: تحقيق ديوانه (وسأنشره مستقلا فيما بعد).

 

        ولم يكن هذا البحث عن أبي الربيع غير تجربة أولية في دراسة أدبنا, حاولت فيها أن أقدم تحليلا جديدا لعصر الموحدين من حيث سياسته ومذهبيته، وأن أعرض الحياة الفكرية والأدبية، وأن أطرح أدباء هذا العصر من خلال تصنيف نابع من مختلف التيارات والاتجاهات التي كان يسير عليها أولئك الأدباء.

 

        ولم يكن وقوفي عند أبي الربيع بالأمر السهل, إذ صادفت كثيرا من الصعوبات بسبب قلة الأخبار التي وصلتنا عن الشاعر  نتيجة عدم اهتمام مصادر عصر الموحدين والعصور التي بعده بالحديث عنه, على الرغم من أنه كان أميرا من أبرز أمراء الدولة لما كان يتمتع به من ثقافة واسعة وحنكة طويلة ولما أسند إليه في هذه الدولة من مناصب مسؤولة عالية, وعلى الرغم من أن شعره لم يضع كما ضاع شعر كثير غيره من الشعراء, حيث جمع ديوانه أحد كتابه وهو بعد على قيد الحياة.

 

        وقد تسنى لي بما جمعت من أخبار عن أبي الربيع أن أفحص هذه الأخبار وأحللها وأنقدها وأستنتج منها ما يمكن استنتاجه وأفسرها بما يجعلني أنفذ إلى أعماق حياة الرجل, بالتفسير النفسي آنا والتفسير الاجتماعي والتاريخي أنا أخرى, سعيا إلى سد ما بين الأخبار من ثغرات, وبالتالي إلى تكميل ملامح صورة هذه الحياة. كذلك لجأت إلى شعره أحاول من خلاله سبر أغوار الشاعر فوجدته صورة لنفسيته قد انعكست عليها بعض ملامح عصره ومجتمعه. كما حاولت بدراسة شعر أبي الربيع في مضامينه وخصائصه أن أنتهي إلى أن شعر العصر وأدبه عامة لم يكن منحطا ولا دائرا فقط في فلك المذهبية الموحدية كما ظل الباحثون أمدا طويلا يظنون.

 

        وإني إذ أضع هذا البحث التمهيدي أمام الطلاب والدارسين, آمل أن تتاح لي قريبا فرصة إخراج الديوان الذي ما يزال في حاجة إلى نشر علمي محقق (2). والله ولي التوفيق والسداد.

 

                                     الرباط – الجمعة 7 جمادى الثانية 1394  موافق 28 يونيو 1974

                          ع. الجراري

ـــــــــــــــــــ

1) أمام لجنة مكونة من السادة الأساتذة :

        أ  – الدكتور عبد العزيز الأهواني مشرفا

        ب – الدكتور شوقي ضيف عضوا

        ج -  الدكتور يوسف خليف عضوا

 

2) على الرغم من أنه نشر على يد جماعة من الأساتذة الفضلاء بعد حوالي سنة من تقديمي للرسالة.